ركّزت وكالة الآغا خان للسكن ومؤسسة الآغا خان وبرنامج الآغا خان لدعم المناطق الريفية في الهند على دعم المجتمعات المحلية لتحسين بيئتها، وذلك انطلاقاً من المفهوم القاضي بأن تحسين نوعية حياة المجتمعات الأكثر فقراً وتهميشاً يبدأ من المنزل. إضافة إلى ذلك، تحدد وكالة الآغا خان للسكن التدخلات التي تساهم في تعزيز قدرة المجتمعات والحكومات المحلية والوطنية على مواجهة الكوارث، وتخفيف حدة تعرضهم للمخاطر، فضلاً عن زيادة قدرتهم على مساعدة جيرانهم.
تعمل وكالة الآغا خان للسكن، منذ عام 1970، على تحسين البيئة العمرانية، وذلك عبر تسهيل تصميم بناء المساكن ذات الجودة العالية، وتخطيط القرى، والتخفيف من حدة الكوارث الطبيعية بإنشاء أبنية مقاومة للزلازل، فضلاً عن تمديد شبكات صرف صحي بيئية، وتمديد موارد للمياه، وغيرها من العوامل التي تسهم في تحسين نوعية الحياة.
وبهدف تحقيق أهداف مماثلة، ولكن مع التركيز بشكل خاص على المناطق الريفية، تعمل مؤسسة الآغا خان وبرنامج الآغا خان لدعم المناطق الريفية على تحسين الحصول على مياه الشرب في ولايتي بيهار وغوجارات، فضلاً عن تحسين نوعية دورات المياه المنزلية في بيهار وغوجارات وماديا براديش. كما يجري دعم وترويج تقنيات الاستفادة من مياه الأمطار في غوجارات وماديا براديش، الأمر الذي يمكّن المجتمعات المحلية من الاستفادة من المياه وتخزينها.
ويتجسد نهج شبكة الآغا خان للتنمية في مبدأ مشاركة المجتمع والتزامه في تحسين أماكن السكن لضمان استدامة وملكية المجتمع للبنية التحتية الجديدة وإدارتها. كما يتم تعزيز عمل لجان تنمية القرى في المناطق الريفية التي تمثل المجتمع، بما في ذلك النساء والفئات المهمشة (يجب أن تُشكّل النساء نسبة 30% على الأقل من لجان تنمية القرى)، وذلك لضمان توافق الخطط مع الحكومة، ويشكّل أيضاً أعضاء بانشايات (هيئة حكومية محلية) نسبة 15% من اللجان.
وفي المناطق التي تفتقر للموارد، والضعيفة بيئياً، والمعرضة للكوارث الطبيعية والجفاف، فغالباً ما يكون الناس والبيئة محاصرين في حلقة مفرغة تظهر نتائجها من خلال: مستويات دخل منخفضة، بنية تحتية ضعيفة سواء في المسكن الأساسي أو في شبكات الصرف الصحي، محدودية فرص الحصول على خدمات صحية وتعليمية رغم سوء نوعيتها، وعدم كفاية الحصول على مياه الشرب النظيفة. ومن خلال برامج تركّز على: تصميم المساكن والبناء، تخطيط القرى، إدارة المخاطر الطبيعية، والصرف الصحي وإمدادات المياه، تسعى شبكة الآغا خان للتنمية إلى مساعدة المجتمعات على العيش بكرامة، ودعم الحكومة في تنفيذ برامجها التي تركز على المجمّعات الريفية والحضرية.
في المناطق الفقيرة بالموارد والمتدهورة بيئياً والمعرضة للكوارث الطبيعية والجفاف، غالباً ما يكون الناس والبيئة محاصران في دوامةٍ تتدهور أوضاعهما فيها بشكل مستمر، ويتجلى ذلك في مستويات الدخل المنخفض، الافتقار إلى البنية الأساسية للمأوى والصرف الصحي، ومحدودية الوصول إلى خدمات الصحة والتعليم رغم سوء نوعيتها، إضافةً إلى عدم كفاية الحصول على مياه شرب نظيفة. يترافق ذلك كله مع عجز مواكبة البنية التحتية والبرامج النمو السكاني المتزايد.
تتسبب مشاكل المياه والصرف الصحي في مرض ومقتل عدد كبير من الأشخاص، إضافةً إلى تسببها بالحد من: النمو الاقتصادي، الوصول إلى التعليم، والحصول على فرص في الحياة. ونتيجة نقص مياه الشرب المأمونة والمرافق الصحية في الهند، تتسبب المياه غير النظيفة في نقل الأمراض وحدوث وفيات عند الأطفال دون سن الخامسة. ووفقاً للتقديرات الحديثة، يموت حوالي مليون ونصف مليون طفل دون سن الخامسة كل عام بسبب الأمراض التي تنقلها المياه، وخصوصاً مرض الإسهال.
تقضي النساء في المناطق الريفية وقتاً وجهداً كبيرين في السير لمسافات طويلة للحصول على المياه. وكشفت الدراسات أن النساء في المناطق المعرضة للجفاف في ولاية غوجارات والمناطق المتضررة من الفيضانات في ولاية أوتار براديش تسير لمسافة ستة كيلومترات وسطياً كل يوم لجلب المياه.
وإلى جانب مسألة توافرها من عدمه، تعد جودة المياه مسألة أخرى، ففي القرب من الساحل، تشكل الملوحة عائقاً رئيسياً آخر لجودة مياه الشرب، حيث تشير الدراسات إلى أن الإفراط في شرب المياه يؤدي إلى ظهور بُقع على الأسنان والفلور العظمي، فضلاً عن تشكُّل حصى في الكلى والمرارة، وحدوث مشاكل معوية، إضافةً إلى أن أمراض الجلد من الأمراض الشائعة التي تصيب الصغار والكبار على حد سواء، وتعتبر النساء في سن الإنجاب والأطفال الأكثر عرضة للإصابة.
يعتبر التحدي المتمثل بإنشاء شبكات آمنة للصرف الصحي تحدياً كبيراً في الهند، حيث لا تغطي مرافق الصرف الصحي الآمنة حالياً سوى 31% من حاجة سكان الريف الهندي، ومع زيادة التحضر، تعجز البنية التحتية في المدينة عن توفير خدمات الصرف الصحي لسكان الحضر الفقراء. إن النقص الحاصل في توفر مرافق كافية من دورات المياه يؤثر على نحو خاص على صحة وأمن النساء والفتيات. كما يعد النقص في دورات المياه أحد أكبر أسباب ارتفاع معدلات التسرب من المدارس بين الفتيات.
وبهدف مساعدة الحكومة على مواجهة هذه التحديات، تعمل وكالة الآغا خان للسكن ومؤسسة الآغا خان وبرنامج الآغا خان لدعم المناطق الريفية مع المجتمعات المحلية لتسهيل بناء مرافق آمنة للصرف الصحي، فضلاً عن دعم تبني عادات صحية محسّنة.
شرعت مؤسسة الآغا خان للخدمات الصحية، ومؤسسة الآغا خان لخدمات التخطيط والبناء، ومؤسسة الآغا خان وبرنامج الآغا خان لدعم المناطق الريفية، عام 2015، في مبادرة واسعة في مجال الصرف الصحي مدتها خمس سنوات تهدف إلى تحسين ممارسات الصحة والنظافة في المجتمعات المهمشة، فضلاً عن دعم حصولهم على المياه والصرف الصحي.
يرمي أحد الأهداف الرئيسية لمبادرة شبكة الآغا خان للتنمية في مجال الصرف الصحي الشامل إلى ضمان تغطية واسعة للصرف الصحي بنسبة 100% لتشمل جميع الأسر، وذلك عبر تنفيذ حملة اتصالات شاملة لتغيير السلوك، وبالتالي انتهاج سلوك صرف صحي آمن، وتوفير الدعم المالي والبرمجي لتحديد واعتماد تكنولوجيا مبتكرة لدورات المياه تتسم بقابليتها للتطوير والتصميم (دورات المياه الفردية والمدرسية والمجتمعية)، فضلاً عن تطوير أنظمة لإدارة النفايات ونظافة القرية. إلى جانب ذلك، ستعمل المبادرة عن كثب مع حكومات الولايات لتسهيل صرف الدعم، وكذلك مع البانشايات (مؤسسات الحكومة المحلية) للعمل بشكل جماعي لوقف التغوّط في الأماكن المفتوحة. ومن العناصر الأساسية في المبادرة تدريب البنائين المحليين على بناء مرافق صحية منخفضة التكلفة وعالية الجودة، فضلاً عن تعزيز قدرات العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية.
تعمل مبادرة شبكة الآغا خان للتنمية على إنشاء شبكات واسعة للصرف الصحي بالتنسيق والشراكة مع حكومة الولاية، مجموعات المجتمع المدني، والقطاع الخاص.
تعتبر الهند معرضة لمجموعة من الكوارث الطبيعية، ومن ضمنها الزلازل، الفيضانات، الأعاصير، الانهيارات الثلجية، الانهيارات الأرضية، حرائق الغابات والأعاصير. تقوم وكالة الآغا خان للسكن بتنفيذ أنشطة مختلفة للحد من مخاطر الكوارث، وذلك بتعزيز قدرة المجتمعات المحلية على الاستعداد لهذه الكوارث والاستجابة لها.
تعتبر هذه القرى معرضة على نحو خاص لمجموعة من الأخطار، فضلاً عن أنها عرضة للزلازل (المنطقة 5) والأعاصير وفقاً للهيئة الوطنية لإدارة الكوارث في الهند. تتصف هذه القرى بكونها نائية للغاية، ولديها إمكانية محدودة في الحصول على خدمات الطوارئ الأساسية، وخاصة في أوقات الكوارث.
تعمل تدخلات المشروع على بناء قدرات المتطوعين المحليين ليصبحوا أول المستجيبين في حالات الأزمات، وذلك إجراء تدريبات تتضمن الإسعافات الأولية، الإنعاش القلبي، والسلامة من الحرائق.
إضافة إلى ذلك، يتم تنفيذ برامج التأهب للكوارث على مستوى المجتمع، مثل تقديم عروض دمى للأطفال تتضمن رسائل توعية، ليقوموا بدورهم بنقل تلك الرسائل إلى أسرهم.
تعد تقييمات التعرض للمخاطر المحتملة وتطوير خطط إدارة الكوارث في القرية من مكونات المشروع. وقد وصل هذا المشروع في نهاية عام 2016 إلى 8500 مستفيد في كوتش، لرفع إمكانية استجابتهم بفعالية وتقليل تعرضهم للمخاطر المحتملة.
تم دمج مؤسسة فوكاس للمساعدات الإنسانية ومؤسسة الآغا خان لخدمات التخطيط والبناء في الهند تحت اسم وكالة الآغا خان للسكن، وذلك بدعم من المفوضية الأوروبية، للبدء بمبادرات مختلفة تهدف إلى مساعدة المجتمعات المحلية والتخفيف من مخاطر الكوارث من خلال تحسين الأبنية المادية المحيطة بها.
تمثل هدف المشروع الأساسي بتوليد الوعي حول ممارسات السلامة الهيكلية وبناء القدرات المحلية. وقد اختيرت مدرسة "رامريتشي" الابتدائية ليجري عليها تحديث وتعديل لتصبح مقاومة للزلازل في إطار هذا المشروع. تم إجراء تقييم للمخاطر الهيكلية للمدرسة، فضلاً عن تقديم توصيات إلى مجلس إدارة المدرسة لإعادة التحديث. والتقى أعضاء هيئة التدريس مع مسؤولي المدرسة والسكان المحليين لمناقشة مدى الضرر في المدرسة قبل إجراء التعديلات. شارك أحد البنّائين المحليين، الذي تدرب في إطار المشروع، في إصلاح الشرفة، وإغلاق الشقوق في الجدران، وإضافة تعزيزات رأسية وأفقية وشرائط أسمنتية عبر المبنى. إضافة إلى ذلك، تم إجراء تقييم مرئي سريع لتحديد المباني الضعيفة هيكلياً لـ99 مبنى من المباني العامة.
أكملت وكالة الآغا خان للسكن في الهند، في أغسطس 2009، مشروع الإغاثة والتنمية في ولاية أندرا براديش الذي استمر لثلاث سنوات، وقد نشأ نتيجة كارثة تسونامي المدمرة التي حصلت جنوب آسيا، ديسمبر 2004، وأودت بحياة ما يقرب من 200 ألف شخص، فضلاً عن تدمير المنازل وسبل العيش والبنية التحتية.
تعاونت العديد من وكالات شبكة الآغا خان للتنمية، ومن ضمنها وكالة الآغا خان للسكن، ومؤسسة الآغا خان لخدمات التخطيط والبناء ومؤسسة الآغا خان، في هذا المشروع، حيث جلبت كل منها المعرفة والخبرة لمواجهة تحديات العمل في منطقة نائية تواجه تحديات في الموارد.
وقد أصبح التأثير الإيجابي للأنشطة المنفذة خلال المشروع واضحاً في استجابة المجتمع للأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات في أكتوبر 2009. تم تنشيط فرق الاستجابة المجتمعية للطوارئ والمنظمات المجتمعية المدربة حديثاً. حيث تمكنت المجتمعات المحلية من استخدام المهارات والمعارف الجديدة التي اكتسبتها عبر التدريبات والتدخلات. ولوحظ أيضاً انخفاض مستوى ضعف المجتمع المحلي، بسبب البنية التحتية التي طورها المشروع، مثل الملاجئ المخصصة لحالات حدوث الأعاصير، أنظمة الإنذار المبكر، المستودعات القروية، وطريق للإجلاء بطول 5.75 كيلومتر. وعلى سبيل المثال، استُخدم نظام الراديو ثنائي الموجة للإنذار المبكر لنشر الوعي حول الكارثة في القرى المحيطة. كما استُخدمت المواد المخزّنة التي جُمعت خلال تنفيذ المشروع لمساعدة الأسر النازحة، بما في ذلك سترات النجاة والعوم والخيام وأواني الطهي المجتمعية.
إضافة إلى ذلك، نُشر فريق الاستجابة وتقييم الكوارث التابع لوكالة الآغا خان للسكن لإجراء تدريبات للتقييم في المنطقة المتأثرة. وقد أتاح التدريب فرصة لفريق الاستجابة وتقييم الكوارث لاكتساب خبرة عملية في إجراء التقييمات، إضافة إلى تزويد وكالة الآغا خان للسكن بتقييم حول تأثير المشروع. بعد تقييم المنطقة، وضع فريق الاستجابة وتقييم الكوارث خطة للاستجابة الطارئة للقرى المتضررة في مقاطعة كريشنا، حيث قامت المنظمات المحلية بتنفيذها.